كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


<تنبيه> هذا الحديث مثل به أصحابنا في الأصول إلى ما ذهبوا إليه من أن مذهب الصحابي لا يخصص العام فإن الحديث من رواية ابن عباس مع قوله إن المرتدة لا تقتل‏.‏

- ‏(‏حم خ 4 عن ابن عباس‏)‏ قال ابن حجر‏:‏ واستدركه الحاكم فوهم‏.‏

8560 - ‏(‏من بر والديه طوبى له زاد اللّه في عمره‏)‏ قال الحكيم‏:‏ زيادة العمر في هذا ونحوه على وجهين أحدهما البركة فالقصير من العمر إذا احتشى من أعمال البر أربى على كثير‏.‏ الثاني أنه تعالى قدر الآجال والأرزاق والحظوظ بين أهلها ثم أثبت ذلك في أم الكتاب الذي عنده لا يطلع عليه أحد، فما في أم الكتاب لا زيادة فيه ولا نقص وما في صحف الملائكة يمحو منه ما يشاء ويثبت ما يشاء بالإحداث التي تكون من أهلها في الأرض‏.‏

- ‏(‏خد ك‏)‏ في البر والصلة ‏(‏عن معاذ بن أنس‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي ورواه أيضاً أبو يعلى قال الذهبي‏:‏ ورجاله ثقات إلا زياد بن قائد ففيه خلاف وقال المنذري‏:‏ رواه الطبراني وأبو يعلى والحاكم كلهم من طريق زياد بن قائد‏.‏

8561 - ‏(‏من بلغ‏)‏ وفي راوية أبي نعيم من ضرب ‏(‏حداً في غير حد فهو من المعتدين‏)‏ أي من توجه عليه تعزير وجب على الحاكم أن لا يبلغ به الحد بأن ينقص عن أقل حدود المعزر فمتى جاوز ذلك فهو من المعتدين الآثمين الذين أخبر اللّه سبحانه أنه لا يحبهم فيجب أن ينقص في العبد عن عشرين جلدة ونصف سنة في الحبس والتعزيب وفي الحر عن أربعين وسنة‏.‏

- ‏(‏هق عن النعمان بن بشير‏)‏ ثم قال البيهقي‏:‏ المحفوظ مرسل‏.‏

8562 - ‏(‏من بلغه عن اللّه فضيلة فلم يصدق بها لم ينلها‏)‏ أي لم يعطه اللّه إياها وإن أعطيها حرم من ذوق ما أنكره ولهذا قال الصوفية‏:‏ كل من أنكر شيئاً على القوم بغير دليل عوقب بحرمان ما أنكره فلا يعطيه اللّه له أبداً والفضيلة ما يفضل به الشيء على غيره يقال لفلان فضيلة أي خصلة حميدة وفي حديث الديلمي عن جابر من بلغه عن اللّه عز وجل شيء فيه فضيلة فأخذ بها إيماناً رجاء ثوابه أعطاه اللّه ذلك وإن لم يكن كذلك‏.‏

- ‏(‏طس عن أنس‏)‏ بن مالك ورواه عنه أيضاً أبو يعلى قال الهيثمي‏:‏ وفيه بزيغ أبو الحليل وهو ضعيف اهـ‏.‏ وحكم ابن الجوزي بوضعه بعد ما أورده من حديث أنس هذا وقال‏:‏ فيه يزيغ متروك ومن حديث جابر وقال‏:‏ فيه البياضي كذاب وإسماعيل بن يحيى كذاب اهـ‏.‏ وأقره المصنف وفي المقاصد عن ابن حجر هذا لا يصح‏.‏

8563 - ‏(‏من بنى‏)‏ بنفسه أو بنى له بأمره ‏(‏للّه مسجداً‏)‏ أي محلاً للصلاة يعني وقفه لذلك فخرج الباني بالأجرة كما يرشد إليه السياق، ونكره ليشيع فيشمل الكبير والصغير وبه صرحت رواية الترمذي وإطلاق البناء غالبي فلو ملك بقعة لا بناء بها أو كان يملكه بناء فوقفه مسجداً صح نظراً للمعنى ‏(‏بنى اللّه له‏)‏ إسناد البناء إليه سبحانه مجاز وأبرز الفاعل ‏[‏ص 96‏]‏ تعظيماً وافتخاراً ولئلا تتنافر الضمائر أو يتوهم عوده لباني المسجد ‏(‏بيتاً في الجنة‏)‏ متعلق ببنى وفيه أن فاعل ذلك يدخل الجنة إذ القصد ببنيانه له إسكانه إياه‏.‏

- ‏(‏م عن علي‏)‏ أمير المؤمنين ظاهره أن هذا مما لم يتعرض أحد الشيخين لتخريجه وهو ذهول فقد خرجاه معاً عن عثمان في الصلاة كما عزاه لهما الصدر المناوي وغيره والعجب أن المصنف نفسه عزاه لهما معاً في الأحاديث المتواترة وعد هذا منها‏.‏

8564 - ‏(‏من بنى مسجداً‏)‏ التنكير للشيوع فيشمل الصغير والكبير وزاد الترمذي في روايته لسمويه من بنى للّه بيتاً وفي رواية لابن ماجه من بنى اللّه مسجداً يذكر فيه اسم اللّه ‏(‏يبتغي به وجه اللّه‏)‏ أي يطلب به رضاه وهو بمعنى حديث الطبراني لا يريد به رياء ولا سمعة وأياً مّا كان فالمراد الإخلاص وقد شدد الأئمة في تحريمه حتى قال ابن الجوزي‏:‏ من كتب اسمه على مسجد بناه فهو بعيد من الإخلاص وقول بعض الشراح ومعنى يبتغي به وجه اللّه يطلب به ذات اللّه فإن بناه بقصد الفوز بالجنة والنجاة من النار لا يقدح في إخلاص الباني وابتغاء وجه اللّه أمر زائد هو أعلى وأجل من ذلك فلا يلائم سياق قوله ‏(‏بنى اللّه له مثله في الجنة‏)‏ ولو كان المراد ذلك لقيل في الجواب أعطاه اللّه مطلوبه أو تفضل عليه بالنظر إليه الذي وقع البناء لأجله وبقصده‏.‏ فان قلت‏:‏ ما الحكمة في اقتصاره في الحديث المار على الإضافة للّه واقتصاره هنا على لفظ الابتغاء‏؟‏ قلت‏:‏ قد سمعت أن المراد النص على شرطية الإخلاص وبإضافته إلى اللّه تعالى في الخبر الأول علم ذلك ولما لم يذكر لفظ الجلالة في الثاني احتاج إلى إلحاق القيد‏.‏ وقوله مثله أي بنى مثل المسجد في الشرف ولا يلزم كون جهة الشرف متحدة فإن شرف المساجد في الدنيا بالتعبد فيها وشرف ذلك البناء في جهة الحسن الحسنى أو المراد بيان وصف ذلك البيت ويكون له عشر بيوت في الجنة أو لفظ المثل يراد به الإفراد فلا يمتنع كون الجزاء أبنية متعددة هي عشر مثله فلا وجه للاستشغاب بأن الحسنة بعشرة أمثالها على أن المثلية هنا بحسب الكمية والزيادة بحسب الكيفية فكم من بيت خير من عشر بل مئة بل ألف‏؟‏ أما سمعت خبر موضع شبر من الجنة خير من الدنيا وما فيها‏؟‏ وهنا أجوبة غير مرضية‏.‏

- ‏(‏حم ق ت ن ه‏)‏ من حديث عبيد اللّه الخولاني ‏(‏عن عثمان‏)‏ بن عفان ذكر الخولاني أنه سمع عثمان يقول عند قول الناس فيه حين بنى مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنكم قد أكثرتم وإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول فذكره‏.‏

8565 - ‏(‏من بنى للّه مسجداً ولو كمفحص‏)‏ وفي رواية مثل مفحص ‏(‏قطاة‏)‏ حمله الأكثر على المبالغة لأن مفحصها بقدر ما تحفره ‏(‏لبيضها‏)‏ وترقد عليه وقدره لا يكفي للصلاة فيه وزعم أن المراد بالمسجد محل السجود فحسب يأباه لفظ بنى لإشعاره بوجود بناء حقيقي أو ما في معناه قال ابن حجر‏:‏ لكن لا تمنع إرادة الآخر مجازاً إذ بناء كل شيء بحسبه وقد شاهدنا كثيراً من المساجد في طرق المسافرين يحوطونها إلى جهة القبلة وهي في غاية الصغر وبعضها لا يكون أكثر من قدر محل السجود وقال الزركشي‏:‏ لو هنا للتقليل وقد عده من معانيها ابن هشام الخضراوي وجعل منها اتقوا النار ولو بشق تمرة والظاهر أن التقليل مستفاد مما بعد لو، لا منها ‏(‏بنى اللّه له بيتاً في الجنة‏)‏ إن كان قد بنى المسجد من حلال كما جاء مصرحاً به في رواية البيهقي عن أبي هريرة ولفظه من بنى للّه بيتاً يعبد اللّه فيه من مال حلال بنى اللّه له بيتاً في الجنة من درٍّ وياقوتٍ اهـ‏.‏ وهذا من أعظم أنواع الإعظام والإكرام لإيذائه بأنه مقره ومسكنه قد أعد له وهيئ وبنى وأنه عند اللّه بمكان جليل يبنى له بدار القرار بجوار الغفار‏.‏

<تنبيه> قال الزركشي‏:‏ خص القطاة بالذكر دون غيرها لأن العرب تضرب به المثل في الصدق ففيه رمز إلى المحافظة على الإخلاص في بنائه والصدق في إنشائه‏.‏

- ‏(‏حم‏)‏ وكذا البزار عن أنس قال الهيثمي‏:‏ فيه جابر الجعبي ضعيف‏.‏

8566 - ‏(‏من بنى للّه مسجداً بنى اللّه له في الجنة أوسع منه‏)‏ فيه إشعار بأن المثلية لم يقصد بها المساواة من كل وجه، وفيه ‏[‏ص 97‏]‏ إيذان بدخول فاعل ذلك الجنة إذ القصد بالبناء له أن يسكنه وهو لا يسكنه إلا بعد الدخول‏.‏

<فائدة> قال ابن الجوزي‏:‏ من كتب اسمه على مسجد بناه كان بعيداً من الإخلاص قال غيره‏:‏ ومن بناه بالأجرة لا يحصل له هذا الوعد المخصوص لعدم الإخلاص وإن كان يؤجر في الجملة كما أشار إليه الحديث السابق إن اللّه يدخل بالسهم الواحد الحديث وبحث بعضهم أنه يدخل في الثواب المذكور من حوط على بعضه وجعله مسجداً بغير بناء ومن يملك نحو بيت فوقفه مسجداً نظراً للمعنى وحقيقة البناء إنما هي المباشرة لكن المعنى يقتضي دخول الأمر به وإسناد البناء إلى اللّه مجاز وإبراز الفاعل فيه لتعظيم ذكره جل اسمه أو لئلا تتنافر الضمائر أو يتوهم عوده على باني المسجد‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي أمامة‏)‏ الباهلي قال الهيثمي‏:‏ فيه علي بن يزيد ضعف ورواه أيضاً أحمد عن ابن عمرو، بفتح العين‏.‏ قال الزين العراقي‏:‏ وفيه الحجاج بن أرطاة وفيه مقال‏.‏

8567 - ‏(‏من بنى بناء أكثر مما يحتاج إليه كان عليه وبالاً يوم القيامة‏)‏ ومن ثم مات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولم يضع لبنة على لبنة ولا قصبة على قصبة وقيل في قوله تعالى ‏{‏تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً‏}‏ أنه الرياسة والتطاول في البناء‏.‏ قال القونوي‏:‏ اعلم أن صور الأعمال أعراض جواهرها مقاصد العمال وعلومهم واعتقاداتهم ومتعلقات هممهم وهذا الحديث وإن كان من حيث الصيغة مطلقاً فالأحوال والقرائن تخصصه وذلك أن بناء المسجد والربط ومواضع التعبد يؤجر الباني عليها اتفاقا فالمراد هنا إنما هو البناء الذي لم يقصد صاحبه إلا التنزه والانفساح والاستراحة والرياء والسمعة وإذا كان كذلك فهمة الباني وقصده لا يتجاوز هذا العالم فلا يكون لبنائه ثمرة ولا نتيجة في الآخرة لأنه لم يقصد بما فعله أمراً وراء هذه الدار ففعله عرض زائل لا ثمرة له ولا أجر‏.‏

- ‏(‏هب عن أنس‏)‏ وفيه بقية بن الوليد والكلام فيه مشهور والضحاك بن حمزة قال الذهبي في الضعفاء‏:‏ قال النسائي‏:‏ غير ثقة‏.‏

8568 - ‏(‏من بنى‏)‏ بناء ‏(‏فوق ما يكفيه‏)‏ لنفسه وأهله على الوجه اللائق المتعارف لأمثاله ‏(‏كلف يوم القيامة أن يحمله على عنقه‏)‏ أي وليس بحامل فهو تكليف تعجيز كما مر نظيره‏.‏

<تنبيه> قال حجة الإسلام‏:‏ من أبواب الشيطان ووساوسه حب التزين في البناء والثياب والأثاث فإن الشيطان إذا رأى ذلك غالباً على قلب الإنسان باض فيه وفرخ فلا يزال يدعوه إلى عمارة الدار وتزيين سقوفها وحيطانها وتوسيع أبنيتها ويدعوه إلى التزين بالأثواب والدواب ويسخره فيها طول عمره وإذا أوقعه فيها استغنى عن معاودته فإن بعض ذلك يجره لبعض فلا يزال يدرجه من شيء إلى شيء حتى يساق إليه أجله فيموت وهو في سبيل الشيطان واتباع الهوى‏.‏

- ‏(‏طب حل عن ابن مسعود‏)‏ قال في الميزان‏:‏ هذا حديث منكر وقال الحافظ العراقي‏:‏ إسناده فيه لين وانقطاع‏.‏

8569 - ‏(‏من بنى‏)‏ بناء وجعل ارتفاعه ‏(‏فوق عشرة أذرع ناداه مناد من السماء‏)‏ أي من جهة العلو والظاهر أنه من الملائكة ‏(‏يا عدو اللّه إلى أين تريد‏)‏ أغفل المصنف من خرجه وعزاه في الدرر إلى الطبراني‏.‏

- ‏(‏عن أنس‏)‏ وفيه الربيع بن سليمان ‏[‏ص 98‏]‏ الجيري أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقيل كان فقيهاً ديناً لم يتقن السماع من ابن وهب‏.‏

8570 - ‏(‏من تاب‏)‏ أي رجع عن ذنبه بشرطه ‏(‏قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب اللّه عليه‏)‏ أي قبل توبته ورضيها فرجع متعطفاً عليه برحمته وذلك لأن العبد إذا جاء في الاعتذار والتنصل بأقصى ما يقدر عليه قابله اللّه بالعفو والتجاوز وفيه تطبيب لنفوس العباد وتنشيط للتوبة وبعث عليها وردع عن اليأس والقنوط وأن الذنوب وإن جلت فإن عفوه أجل وكرمه أعظم وقوله تاب اللّه عليه كناية عن قبول توبته لأن قبوله مستلزم لتعطف اللّه وترحمه عليه وقوله قبل أن تطلع حد لقبول التوبة ولها حد آخر وهو وقوعها قبل الغرغرة كما في الحديث الآتي ولصحتها شروط مبينة في الأصول والفروع‏.‏

- ‏(‏م‏)‏ في الدعوات ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ولم يخرجه البخاري‏.‏

8571 - ‏(‏من تاب إلى اللّه قبل أن يغرغر‏)‏ أي يأخذ في حالة النزع ‏(‏قبل اللّه منه‏)‏ توبته ومن قبل توبته لم يعذبه أبداً قال الكلاباذي‏:‏ ومعلوم أن هذا وقت لا يتلافى فيه ما فات فتوبته الندم بالقلب والاستغفار باللسان أما حال الغرغرة فلا تقبل توبته ولا ينفذ تصرفه لقوله تعالى ‏{‏فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا‏}‏ لأن الاعتبار إنما هو بالإيمان بالغيب‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في التوبة ‏(‏عن رجل‏)‏ من الصحابة ولم يصححه ولا ضعفه‏.‏

8572 - ‏(‏من تأنَّى أصاب أو كاد‏)‏ أن يصيب أي قارب الإصابة ‏(‏ومن عجل أخطأ أو كاد‏)‏ أن يخطىء لأن العجلة شؤم الطبع وجبلة الخلق فجاء المشرع بضد الطبع وكفه وجعل في التأني اليمن والبركة فإذا ترك شؤم الطبع وأخذ بأمر الشرع أصاب الحق أو قارب لتعرضه لرضى ربه، قال الغزالي‏:‏ الاستعجال هو الخصلة المفوتة للمقاصد الموقعة في المعاصي ومنها تبدو آفات كثيرة وفي المثل السائر إذا لم تستعجل تصل، قال‏:‏

قد يدرك المتأني بعض حاجته * وقد يكون مع المستعجل الزلل

ومن آفاته أنه مفوت للورع فإن أصل العبادة وملاكها الورع والورع أصله النظر البالغ في كل شيء والبحث التام عن كل شيء هو بصدده فإن كان المكلف مستعجلاً لم يقع منه توقف ونظر في الأمور كما يجب ويتسارع إلى كل طعام فيقع في الزلل والخلل‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا في الأوسط ‏(‏عن عقبة بن عامر‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رواه عن شيخه بكر بن سهل وهو مقارب الحال وضعفه النسائي وفيه ابن لهيعة‏.‏

8573 - ‏(‏من تأهل من بلد‏)‏ أي تزوج بها يعني ونوى إقامة أربعة أيام صحاح ‏(‏فليصل صلاة المقيم‏)‏ أي فيتم الصلاة ولا يجوز له القصر لأنه صار مقيماً‏.‏

- ‏(‏حم عن عثمان‏)‏ بن عفان قال الهيثمي‏:‏ فيه عكرمة بن إبراهيم وهو ضعيف وسببه أنه لما حج صلى بمنى أربع ركعات فأنكر عليه الناس فقال‏:‏ يا أيها الناس إني تأهلت بمكة منذ قدمت وإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول فذكره‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ وفيه عكرمة بن إبراهيم وهو ضعيف وقال الحافظ في الفتح‏:‏ هذا الحديث لا يصح لأنه منقطع وفي رواته من لا يحتج به قال‏:‏ ويرده قول عروة‏:‏ إن عائشة تأولت ما تأول عثمان ولا جائز أن يتأهل فدل على وهاه هذا الخبر والمنقول أن إتمام عثمان أنه كان يرى القصر مختصاً بمن كان شاخصاً سائراً وأما من أقام بمكان أثناء سفره فله حكم المقيم فيتم اهـ‏.‏

8574 - ‏(‏من تبتل‏)‏ أي تخلى من النكاح وانقطع عنه كما يفعل رهبان النصارى ‏(‏فليس منا‏)‏ أي ليس على سنتنا وطريقتنا لكونه ترك ما علم أن الشارع نظر إليه من تكثير الأمة والمباهاة بها‏.‏

- ‏(‏عب عن أبي قلابة‏)‏ بكسر القاف وخفة اللام‏:‏ عبد اللّه بن زيد الجرمي ‏(‏مرسلاً‏)‏‏.‏

8575 - ‏(‏من تبع‏)‏ وفي رواية من شيع ‏(‏جنازة وحملها ثلاث مرار‏)‏ في رواية مرات ‏(‏فقد قضى ما عليه من حقها‏)‏ يحتمل أن المراد بالحمل ثلاثاً أنه يحمل حتى يتعب فيترك ثم هكذا ثم هكذا‏.‏ وتعلق بهذا الخبر من ذهب إلى أن السنة المشي خلف الجنازة لأن التابع والمشيع إنما يكون من خلف قلنا ليس هكذا بل يكون معه وأمامه وخلفه وليس له من هذا اللفظ موضع مخصوص بل الكل محتمل فخص أحد المواضع المحتملة فعل المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم والخليفتين بعده من المشي أمامها لأنه شافع والشافع يتقدم‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في الجنائز ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ وقال‏:‏ غريب قال‏:‏ فيه أبو المهزم يزيد بن سفيان ضعفه شعبة اهـ‏.‏ وقال ابن الجوزي‏:‏ حديث لا يصح والمتهم به أبو المهزم‏.‏ وقال النسائي‏:‏ هو متروك الحديث‏.‏

8576 - ‏(‏من تتبع ما يسقط من السفرة‏)‏ فأكله تواضعاً واستكانة وتعظيماً لما رزقه اللّه وصيانة له عن التلف ‏(‏غفر له‏)‏ لتعظيمه المنعم بتعظيم ما أنعم به عليه والمراد الصغائر دون الكبائر وهو قياس النظائر‏.‏

- ‏(‏الحكيم في‏)‏ كتاب ‏(‏الكنى‏)‏ والألقاب ‏(‏عن عبد اللّه بن أم حرام‏)‏ بحاء وراء مهملتين‏.‏

8577 - ‏(‏من تحلم‏)‏ بالتشديد أي تكلف الحلم بأن زعم أنه حلم حلماً أي رأى رؤيا في حال كونه ‏(‏كاذباً‏)‏ في دعواه أنه رأى ذلك في منامه ‏(‏كلف‏)‏ بضم الكاف وشد اللام المكسورة ‏(‏يوم القيامة أن يعقد بين شعيرتين‏)‏ بكسر العين تثنية شعيرة ‏(‏ولن‏)‏ يقدر أن ‏(‏يعقد بينهما‏)‏ لأن اتصال أحدهما بالأخرى غير ممكن عادة فهو يعذب حتى يفعل ذلك ولا يمكنه فعله فكأنه يقول يكلف ما لا يستطيعه فيعذب عليه فهو كناية عن تعذيبه على الدوام ولا دلالة فيه على جواز التكليف بما لا يطاق لأنه ليس في دار التكليف ووجه اختصاص الشعير بذلك دون غيره لما في المنام من الشعور وبما دل عليه فحصلت المناسبة بينهما من جهة الاشتقاق وإنما شدد الوعيد على ذلك مع أن الكذب في اليقظة قد يكون أشد مفسدة منه إذ يكون شهادة في قتل أو حدّ لأن الكذب في النوم كذب على اللّه تعالى لأن الرؤيا جزء من النبوة وما كان من أجزائها فهو منه تعالى والكذب على الخالق أقبح منه على المخلوق‏.‏

- ‏(‏ت ه عن ابن عباس‏)‏ ظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرج في الصحيحين ولا أحدهما وهو ذهول بل هو في البخاري في التعبير ولفظه من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل اهـ‏.‏

8578 - ‏(‏من تخطى رقاب الناس يوم الجمعة‏)‏ أي من تجاوز رقابهم بالخطو إليها ‏(‏اتخذ‏)‏ ببنائه للفاعل ‏(‏جسراً إلى جهنم‏)‏ ‏[‏وظاهر الحديث أن التخطي حرام وقال شيخ الإسلام في شرح البهجة‏:‏ وإذا قلنا بالكراهة أي كراهة التخطي فكلام الشيخين يقتضي أنها كراهة تنزيه واعتمده الرملي وهذا في غير إمام أو رجل صالح لأن الصالح بتبرك به ولا يتأذى الناس بتخطيه وألحق بعضهم بالصالح الرجل العظيم ولو في الدنيا، قال‏:‏ لأن الناس يتسامحون بتخطيه ولا يتأذون به وواجد فرجة لا يصلها إلا بالتخطي ولم يرج سدها فلا يكره له وإن وجد غيرها لتقصير القوم بإخلائها لكن يسن له إن وجد غيرها أن لا يتخطى فإن رجا سدها كأن رجا أن يتقدم أحد إليها إذا أقيمت الصلاة كره وقيد بعضهم جواز التخطي للفرجة برجل أو رجلين‏]‏ أي اتخذ لنفسه جسراً يمر عليه إلى جهنم بسبب ذلك، أو للمفعول أي يجعل جسراً يمر عليه من يساق لجهنم جزاء لكل بمثل عمله وضعفه التوربشتي، قال الزين العراقي‏:‏ والمشهور في رواية هذا الحديث اتخذ ببنائه للمفعول بضم التاء وكسر الخاء بمعنى أنه يجعل جسراً على طريق جهنم ليوطأ ويتخطى كما يتخطى رقاب الناس قال‏:‏ ويجوز بناءه للفاعل والأول أظهر وأوفق للرواية وقد ذكره الديلمي بلفظ من تخطى رقبة أخيه المسلم جعله اللّه يوم القيامة جسراً ممتداً إلى جهنم اهـ‏.‏ والتخطي حرام في بعض صوره ومكروه في بعضها ومحل التفصيل كتب الفروع‏.‏

- ‏(‏حم ت ه عن معاذ بن أنس‏)‏ قال الترمذي‏:‏ غريب ضعيف فيه رشدين بن سعد ضعفوه اهـ وتبعه عبد الحق‏.‏

8579 - ‏(‏من تخطى الحرمتين‏)‏ أي تزوج محرمه كزوجة أبيه بعقد ‏(‏فخطو وسطه بالسيف‏)‏ أي اضربوه به والمراد اقتلوه فليس المراد السيف بعينه بل القتل وجعل السيف عبارة عنه لأنه يكون ثمة غالباً فتمسك ابن القيم بظاهره وزعمه أن فيه دلالة على القتل بالتوسيط لا اتجاه له وهذا قاله فيمن تزوج امرأة أبيه بعقد على صورة الشرع قال ابن جرير‏:‏ وإنما كان متخطئاً حرمتين لأنه جمع بين كبيرتين إحداهما عقد نكاح على من حرم اللّه عقد النكاح عليه بنص تنزيله بقوله ‏{‏ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم‏}‏ والثانية إتيانه فرجاً محرماً عليه وأعظم من ذلك إقدامه عليه بمشهد من المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وإعلانه عقد النكاح على من حرم الشارع العقد عليها بكل حال ونص عليه في كتابه نصاً لا يقبل تأويلاً ولا شبهة ففعله دليل على تكذيبه لمحمد فيما جابه عن الدين وجحود الحكمة في تنزيله فإن كان قد أسلم فهو ردة وإن كان له عهد فإظهاره لذلك نقص فمن ثم أمر بقتله بالسيف فقتله بالسيف ليس لكونه زنا فحسب فسقط الاعتراض بأن حد الزنا المنصوص عليه في الكتاب إنما هو رجم المحصن وجلد غيره ولم يخص ذلك بالعزاب دون المحارم ثم قال ابن جرير‏:‏ الحديث مبين لخطأ من زعم أنه لو تزوج مسلم محرمة كأخته ثم وطئها عالماً عامداً فالعقد شبهة تدرء الحد فتوجب المهر هذا كلام الإمام ابن جرير وقد رأيت في سبب الحديث من كلام الراوي نفسه ما يخالفه، وهو أن الحديث إنما ورد في رجل أكره أخته فزنا بها، وفي معجم الطبراني عن صالح بن راشد أن الحجاج أتى برجل اغتصب أخته نفسها فقال‏:‏ احبسوه واسألوا من هنا من الصحابة فسألوا عبد اللّه بن مطرف فقال‏:‏ سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول من تخطى الحرمتين فخطوا وسطه بالسيف ثم كتبوا بذلك إلى ابن عباس فكتب إليهم بمثله اهـ وفي مصنف ابن أبي شيبة من طريق بكر بن عبد اللّه المزني أتي الحجاج برجل قد وقع على ابنته فذكره‏.‏ وقد اختلف العلماء فيمن وطىء محرمه على أقوال‏:‏ الأول أنه زنا فيحد له وهو قول الشافعي ومالك، الثاني يقتل وهو قول أحمد، الثالث يدرء عنه الحد إن تزوج بشهود وهو قول أبي حنيفة وأقاموا عليه القيامة، وحاصل ما عليه الشافعي ومالك أنه إن استحل كفر وإلا فكالزنا‏.‏

- ‏(‏طب هب عن عبد اللّه بن أبي مطرف‏)‏ بضم أوله وفتح ثانيه وشد الراء المكسورة الأزدي قال الذهبي‏:‏ شامي يروى له حديث لا يثبت قاله البخاري، وقضية كلام المصنف أن البيهقي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل تعقبه بأن البخاري قال‏:‏ عبد اللّه بن مطرف له صحبة ولم يصح إسناده اهـ بنصه ولما عزى الهيثمي الحديث للطبراني قال‏:‏ وفيه رندة بن قضاعة عن الأوزاعي وثقه هشام بن عمار وضعفه الجمهور وبقية رجاله ثقات اهـ‏.‏

8580 - ‏(‏من تخطى حلقة قوم‏)‏ بسكون اللام ‏(‏بغير إذنهم‏)‏ أي ولم يعلم رضاهم ‏(‏فهو عاص‏)‏ أي آثم‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي أمامة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه جعفر بن الزبير وهو متروك‏.‏

8581 - ‏(‏من تداوى بحرام كخمر لم يجعل اللّه فيه شفاء‏)‏ ‏[‏أو غيره من سائر الأعيان النجسة مع وجود طاهر يقوم مقامه‏]‏ فإن اللّه لم يجعل شفاء هذه الأمة فيما حرم عليها كما ورد في حديث ‏[‏ص 101‏]‏ ‏{‏ويسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس‏}‏ والمحرم وإن أثر في إزالة المرض لكن يعقبه أمراض قلبية ومن شرب الخمر للتداوي أثم‏.‏ نعم يجوز التداوي بمعجون بخمر ولو لتعجيل شفاء بشرط إخبار طبيب مسلم أو معرفة المتداوي وعدم ما يقوم مقامه‏.‏

- ‏(‏أبو نعيم في‏)‏ كتاب ‏(‏الطب‏)‏ النبوي ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

8582 - ‏(‏من ترك الجمعة‏)‏ ممن تلزمه ‏(‏من غير عذر‏)‏ وهو من أهل الوجوب ‏(‏فليتصدق‏)‏ ندباً مؤكداً ‏(‏بدينار‏)‏ أي مثقال إسلامي ‏(‏فإن لم يجد فبنصف دينار‏)‏ فإن ذلك كفارة الترك والأمر للندب لا للوجوب‏.‏

- ‏(‏حم د ن ه حب ك‏)‏ من حديث قدامة ‏(‏عن سمرة‏)‏ بن جندب قال ابن الجوزي‏:‏ حديث لا يصح قال البخاري‏:‏ لا يصح سماع قدامة من سمرة وقال أحمد‏:‏ قدامة لا يعرف اهـ‏.‏ وقال الدميري‏:‏ حديث منقطع مضطرب وذكر نحوه ابن القيم‏.‏

8583 - ‏(‏من ترك الجمعة بغير عذرٍ‏)‏ وهو من أهل الوجوب ‏(‏فليتصدق‏)‏ ندباً مؤكداً ‏(‏بدرهم‏)‏ فضة ‏(‏أو نصف درهم أو صاع أو مد‏)‏ وفي رواية أو نصف صاع وفي أخرى أو نصف مد وقد وقع التعارض بين هذا الحديث وما قبله ويمكن أن يقال في الجمع إن هذا بالنسبة لأصل السنة وأما كماله فلا يحصل إلا بما ذكر في الأول‏.‏

- ‏(‏هق عن سمرة‏)‏ بن جندب قال الدميري‏:‏ اتفقوا على ضعف هذه الروايات كلها وقول الحاكم حديث ضعيف مردود وهذا مع ما قبله اضطراب يضعف لأجله‏.‏

8584 - ‏(‏من ترك اللباس‏)‏ أي لبس الثياب الحسنة وفي رواية ترك ثوب جمال ‏(‏تواضعاً للّه تعالى‏)‏ أي لا ليقال إنه متواضع أو زاهد ونحوه والناقد بصير ‏(‏وهو يقدر عليه دعاه اللّه يوم القيامة على رؤوس الخلائق‏)‏ أي يشهره بين الناس ويباهي به ويقال هذا الذي صدرت منه هذه الخصلة الحميدة ‏(‏حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها‏)‏ ومن ثم كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يلبس الصوف ويعتقل الشاة وفي رواية لأحمد من ترك أن يلبس صالح الثياب وهو يقدر عليه تواضعاً للّه تعالى والباقي سواء قال أبو البقاء‏:‏ أن يلبس مفعول ترك أي ترك لبس صالح الثياب وهو يقدر جملة في موضع الحال وتواضعاً يجوز كونه مفعولاً له أي للتواضع وكونه مصدراً في محل الحال أي متواضعاً اهـ ثم هذا إشارة إلى أن الجزاء من جنس العمل وأن التواضع الفعلي مطلوب كالقولي وهذا من أعظم أنواع التواضع لأنه مقصور على نفس الفاعل فمقاساته أشق بخلاف التواضع المتعدي فإنه خفض الجناح وحسن التخلق ومزاولته أخف على النفس من هذا لرجوعه لحسن الخلق لكن بزيادة نوع كسر نفس ولين جانب ولما أرادوا أن يغيروا زي عمر عند إقباله على بيت المقدس زجرهم وقال‏:‏ إنا قوم أعزنا اللّه بالإسلام فلن نلتمس العز بغيره‏.‏